بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )
أمك الآن .... قبل فوات الأوان
هذا نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام عندما تكلم في المهد كان من قوله ( وَبَرَّاً بِوَالِدَتِي ) أي: وأمرني ربي ببر والدتي والإحسان إليها. فمع ما آتاني الله من الوحي والمعجزات وما جعل لي من الفضل والتشريف فإني ألزم برها.
عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نمت، فرأيتني في الجنة ، فسمعت صوت قارئ يقرأ ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : هذا حارثة بن النعمان ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذاك البر، كذاك البر، وكان أبر الناس بأمه .
وتوضح عائشة رضي الله عنها بعض مظاهر هذا البر فتقول : كان رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبر من كانا في هذه الأمة بأمهم : عثمان بن عفان، وحارثة بن النعمان . فأما عثمان : فإنه قال : ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت .
وأما حارثة : فإنه كان يفلي رأس أمه ويطعمها بيده ، ولم يستفهمها كلاماً قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج : ما أرادت أمي ؟ .
وكان أبو هريرة إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال : السلام عليك ياأماه ورحمة الله وبركاته ، رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول : وعليك السلام ياولدي ورحمة الله وبركاته ، رحمك الله كما بررتني كبيراً .
وقال رجل للإمام الحسن البصري : إني قد حججت وإن أمي قد أذنت لي في الحج . فقال له : لقعدة معها تقعدها على مائدتها أحب إلي من حجتك .
وقال إسماعيل بن عون : دخل رجل على الإمام محمد بن سيرين وعنده أمه. فقال الرجل:ما شأن محمد! يشتكي مريض؟ قالوا: لا، ولكنه هكذا يكون إذا كان عند أمه .
وقيل للتابعي الجليل الإمام الحسن البصري : ما البر؟ قال : الحب والبذل . قيل : وما العقوق ؟ قال : أن تهجرهما وتحرمهما . ثم قال الحسن : النظر إلى وجه الأم عبادة، فكيف برها ؟!.
وعن منذر الثوري قال : كان الإمام محمد الحنفية يمشط رأس أمه .
وقال الإمام محمد بن المنكدر : بنت أغمز رجل أمي ( يعني يضغطها لتخفيف ألمها ) وبات أخي عمر يصلي ليلته , فما تسرني ليلته بليلتي .
هكذا كان الأئمة والعلماء والأنبياء في الحرص الحثيث على بر أمهاتهم ، إنِّي أذكِّر كل من يريد سعادة نفسه ونجاتها أن يكون حظه من والديه رضاهما ، فبرضاهما وبرهما والإحسان إليهما تبتهج الحياة وتطيب المعايش وتحسن العاقبة . وأن يجعل لوالدته من ذلك مزيد عناية ورعاية