السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب بعضهم :مهما كانت الظروف حولك , ومحاصرة الأزمات لك , والتي تحوّل الأجواء إلى ظلام وسواد , كن ضوءا هاديا , ولذلك فقد تغير ما تعارف عليه الناس منذ زمان حينما قالوا :
( بدلاً من أن تلعن الظلام أشعل شمعة ) .
اليوم قل : مرحبا بالظلام ففي داخلي ضوء منير لا يهتز بالظلمات : (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) , فلن تكن ضوءاً إلا بأن تمتلئ بالنور , فكيف تمتلئ بالنوروهل هو أمر صعبوماذا يحتاج منا.
قيل : بالحالةالنفسية الايجابية تكون دائما على استعداد لأن تكتشف الخير الذي يكمن في أسوأالمناسبات التي تمر بك أو أقسي الحوادث التي تتعرض لها .
وما قيل هووصف للإيمان حينما يسكن القلب , فيحول الكيان البشري إلى طمأنينة نتيجة السعة التييعيش فيها القلب .
أما عكس ذلك فهو الضيق الذي يقيد الإنسان , ويشلهعن الحركة , ويزيد الظلمات ظلمات :
( ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكديراها ) .
السعة الداخلية هي الراحة , هي الطمأنينة , التي تجعلكتستفيد من الظلمات مهما كان حجمها وسوادها , لأنك وحدك فيها ( الضوء الهادي ) القاعدة في ذلك :
( وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) .
إذن الفرصةمفتحة الأبواب أمام المتفائلين والمتشائمين معا , فالمتفائل لا يتوقف عن آماله , والمتفائل يروض نفسه ويهذب عاداته السيئة ولا يخضع لها , بل يحولها إلى العاداتالحسنة , ومن هنا يبدأ طريق التفاؤل.
2 – كيف تبني صرح التفاؤل
ما تراه أمام عينيك , وما يظهر لك كلما فتحت جفونك]هو في الحقيقة ما تعمق في نفسك , وما استقر في مشاعرك , وما سكن في وجدانك .فإن كان خوفا طفت في الخوف , وإن كنجبنا سبحت في الجبن , وإن كان كرها غرقت في الكره , وإن كان حقدا سرحت في الحقد .
تبدأ أولاً : في خواطرك ثم في أوهامك ثم في خيالك ثم تصدق ذلك , فينقلب إلى خلق سرعان ما يتحول باعتياده وتكراره إلى طبع وسجية , فيصير بعد ذلكسلوكك في الحياة , وللأسف سلوك يقيدك ويسجنك في قفص لا فكاك منه من الحسد والخوفوالغيرة والكره والجبن والغضب والانفعال, وكل هذا هم جنود التشاؤم وأبناء الإحباطيأخذونك إلى جو أسود ,وكأن الدهر قد انتهي أمره , وكأن الزمان قد ولي شأنه , وكأنالمستقبل قد اختفي غيبه , فلا حاضر نعيشه , ولا ماضي يدفعنا , ولا مستقبل ينتظرنا.
وكما قيل : إن الصخرةالتي يلقيها القوي ليحفر طريقه هي نفسها التي تعترض الضعيف ويحسبها جبلاً لا يستطيع تجاوزه
إذن البناءيحتاج إلى مراحل والتفاؤل ما هو إلا خطوات محددة , وهذه الخطوة الأخيرة هي خطوةالقوي وتتمثل في أمرين : حسن الظن بالله مصرف الأيام والليالي , ثم حسن الظن بالناس جميعا , حيث لا مناص من معايشتهم .
فهو مع ربه آمن مطمئن قوي قادر قاهر مقتحمناجح , بالحب لا بالكره , بالثقة لا بالحقد , بالود لا بالحسد , بالأمن لا بالخوف , بالشجاعة لا بالجبن .
دخل النبي على شاب في مرضه فقال له : كيف تجدقلبك
قال : أرجو رحمة الله وأخاف ذنوبي , فقال النبي الكريم : ما يجتمعان في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجووأمنه مما يخاف .
فلماذا القلق وفي داخلك كنز عظيم , وهذه الخطوات واضحة وصريحةلمن أراد بناء صرح التفاؤل , فهو أعظم بناء في الوجود لا يفني , وهو منهج حياة منخطوات واثقة عميقة صادقة , في داخل كياننا , فماذا ينتظرناولماذا لا نبدأعلى الفور.
3 – لا تصاحب إلا المتفائلين
التفاؤل يعدي , وبمخالطةالمتفائلين تسري أخلاق التفاؤل, وبمعاشرة المتفائلين تختفي أخلاق المترددين , وتزولمشاعر الشك والخوف والقلق والكره حيث لا مكان للتشاؤم في الحياة .
والمتفائلونيعرفون بأخلاقهم البعيدة عن الأنانية والأثرة , فهم يتصفون بالمروة وكرم السلوك وفعل الخيرات والسعي بالخدمات , لأن الغارق في خدمة الآخرين إن سألته عن نصف الكوب المملوء بالماء , قال لك : نصفه مملوء بالماء , لأنه لا يري إلا الخدمات التييفعلها ونفع الغير والخيرات التي يقدمها , أما غيره فيقول : أري نصفه الفارغ , لأنهلا يري إلا خواءً في كيانه , ولا يسمع إلا صدي صوته , ولا يحس إلا صمتاً من داخله , فكيف بالله يري شيئا غير موجود , وكيف يشعر بشئ معدوم.
فإذا أردت أن تتخلص من التشاؤم والتردد والسلوك المظلمفاصحب من تغلب علي هذه المدمرات وتخلص منها , ودفنها أرضا وانطلق في الحياة الرحبةالواسعة الفسيحة , فاستطاع أن يري ما بناه من مستقبل مشرق وضاء وهو في واقع وحاضرسعيد . فلماذا لا تلجأ إليهم وتحافظ عليهم لا تتركهموتتخلص ممايأخذك إلى الهاوية السحيقة المرة
4 – إنما السعادة في التفاؤل
أجمل ما في الكون أن تملك قلبا سعيدابعيدا عن الحقد والحسد والبغي والظلم , أجمل ما في الكون أن تكون رفيقا بكل من حولكوأن تشعر معهم بالحب وتراعي مشاعر من تحب , فتشتاق إليه إن غاب , وتفرح به إن حضر , فعلاً أجمل ما في الوجود أن تتفاءل فتري الحياة حلوة رغم تشاؤم من حولك , لأن الغددائما أفضل من اليوم , ولأن القادم أحلي من الآن , لا تندهش , فإن ذلك لسبب واحد ،أنك قد فوضت أمرك إلى الله , بعد إعلان توكلك عليه وحده , واستنفاذك لكل ما هيأهويسره وقدمه لك من وسائل وأسباب , ولذلك اسأل دائما نفسك :
1 - ما مدي علاقتي بأصدقائي
2 –هل تصرفاتي تعجب أهلي ومن حولي
3 –هل أحافظ علي أصدقائي وأخواني
4 -هل ملابسي – هاتفي – حقيبتي – ساعتي و.. و .. أحبهم
5 –هل الأماكن تؤثر في مشاعري
6 –هل لي ارتباط شعوري وروحي بأماكن بعينها
7 –هل أنا راض عن تصرفاتي مع الناسوخاصة ما لا أعرفهم
8 –هل تحاول إصلاح أخطائك أولاً بأول
9 – هل تعرف تماما عيوبك وحددت طريقة التعامل معها
10 –هل مع كل ما سبق وتحققك به تفوض أمرك إلى الله على الدوام
بهذه الإجابات تحصل على الجانب المشرق في حياتك وتتغلبعلى التشاؤم , فإن لم يكن فاجعله محققا, وإن كان ضعيفا قويه , وإن كان خافتا أشعله , وإن كان معدوما فابدأ على بركة الله , ومعك الله بتأييده وتوفيقه وتيسيره :
( ومن توكل على الله فهو حسبه ) .
وهذا هو الإيمان , والإيمان هو التفاؤل بعينه ,
( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) , وهذا هوالهدى والهدى هو التفاؤل : ( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) .
فالسعادةتنبع من داخلنا ., والجانب المشرق في حياتنا نراه من داخلنا ,وهو ما توصل إليهاخيراً علماء النفس فأطلقوا عليه
( علم النفس الايجابي ) , لأنه الطاقة الداخليةالتي تمد الانسان بالسعادة , فقالوا : التفاؤل يحض الفرد علي تخطي الفشل وتحملتحديات جديدة , كما أن التسامح والامتنان يحررانه من المرارة والضغينة حيال الماضي .
في حين أكدت الدراسات النفسية : ( إن التفاؤل والمزاج الايجابي أمران أساسيان لصحة الجسم والنفس ولهما دورهما الايجابي في سعادة الانسان )
أناأعلم أنك لست بحاجة إلى كل هذه الدلائل ولكن حتي تعلم أن الكون كله علمه وأدبه وحياته وواقعه , يقف بجوارك أيها المتفائل , لتزداد مضيا في سبيل التفاؤل , وتمسكابدرب التفاؤل .
ويكفينا حديث رسول الله صلي لله عليه وسلم الجامع لكل ماسبق :
( تفاءلوا بالخير تجدوه ) فهناك لغة للتفاؤل , ينبهنا إليهاالنبي الحبيب , تتحول بالمعايشة والمخالطة والمعاملة مع الناس إلى أسعد حياة ينشدهاالسعداء :
( وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض ) .
أسأل الله ان نكون جميعا من اهل الجنة